عبادات أو تقديس الأشجار والأحجار والحيوانات:لقد قدس بعض العرب أنواع مختلفة من الأشجار والحيوانات والكهوف وينابيع المياه وغيرها من الأشياء المادية المحيطة بهم . فالأشجار وخاصة شجرة النخيل كانت تشكل عنصراً أساسياً في حياة العربي سواء كان بدوياً أو من سكنة الواحات والمناطق الزراعية حيث كان العربي يعتمد على ثمارها كغذاء رئسي ويعتمد على أجزاء أخرى منها لتغطية حاجيات وضرورات أخرى في حياته اليومية.
ومما يزيد اعتقادنا في تقديس بعض العرب للأشجار وما ذكره بعض المؤرخين العرب القدماء حول أهمية الأشجار، فقد ذكر ياقوت الحموي عن الحديبية قائلاً(هي قرية متوسطة ، سميت بيير هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله تحتها) وقد جاء في القران : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة)
وقد أمر الخليفة عمر بن الخطاب بقطع هذه الشجرة بعد أن عرف بأن الناس كانت تزورها وتتبرك بها ، وذلك خوفاً من أن يقوم هؤلاء بعبادتها.
أما المؤرخ العربي ابن إسحاق فقد ذكر قائلاً : (لقد كان أهل نجران على دين العرب يعبدون نخلة طويلة بين أظهرهم لها عيد كل سنة وإذا كان ذلك العيد علقوا عليها كل ثوب حسن وجدوه وحلوا النساء ثم خرجوا إليها فعكفوا عليها يوماً كاملاً..)
ولم تكن عبادة الشجرة مقصورة على عرب الجنوب ، فقد جاء في كتاب (أخبار مكة) (بأنه كان لكفار قريش ومن سواهم من العرب شجرة عظيمة خضراء يقال لها "ذات أنواط" يأتونها كل سنة فيعلقون عليها أسلحتهم ويذبحون عندها ، ويعكفون عندها يوماً)
ومن هذا يظهر أن بعض العرب قبل الإسلام عندما عبدوا وقدسوا الأشجار ، فأنهم قد تصوروا بأن آلهة قد دخلت هذه الأشجار أو أنهم اعتقدوا بأن هناك أرواح دخلت في هذه الأشجار فأعطتها الفائدة الحيوية بالنسبة لهم وهذا النوع من العبادة أو التقديس هو ما يعرف باسم (الارواحية أو حيوية المادة Animism
وتقديس الأشجار وليس عباداتها هو من العادات العربية التي استمرت حتى ظهور الإسلام وإلى يومنا هذا.
أما بالنسبة لعبادة وتقديس الأحجار وخاصة ما كان منها يختلف عن اللون الرملي المعتاد في الصحراء، مثل الحجر الأسود، وفي بعض الأحيان الحجر الناصع البياض ، فأنها كانت من الأشياء المقدسة لدى بعض ض القبائل البدوية
ومما لاشك فيه أن العربي في البادية قد ربط بين هذه الأحجار النادرة في الصحراء وبين القوى الخفية التي تتحكم بالعالم والإنسان ، وقد تطورت عبادة الأحجار لدى العرب بحيث أن الحضر أو سكان المدن لهم آلهتهم الخاصة والتي هي صخور وكتل حجرية كبيرة ، كما هو الحال في حضرموت حيث كان بعض العرب يتعبدون لصخرة كبيرة بيضاء اللون تبدو وكأنها على هيئة إنسان ، كما وأن صنم (ذو الخلصة) كان على شكل صخرة بيضاء وكانت موجودة في (ثباله) بين مكة واليمن
وعندما نأتي على تقديس وعبادة الحيوانات فأننا نجد في القران ، بعض الإشارات حول تلك الحيوانات التي قدسها العرب قبل الإسلام ، وهناك بعض القبائل العربية كانت تسمي أبنائها بأسماء حيوانات مثل: بنو أسد ، وبنو كلب، ومثل: ثور ، وقرد، وذئب ، أو بأسماء طيور مثل: عقارب ، ونسر ، وأسماء حيوانات مائية مثل: قريش.
وهذه التسميات وغيرها وأن كانت من قبيل التفاؤل فإنها تشير إلى تقديس العرب للحيوانات هذه وما عدى هذا فإن العرب كانوا يتفاءلون بالطير كالحمامة وبنباح الكلاب ويتشاءمون من الثور الأعضب مكسور القرن ومن الغراب ، وكان العرب يتجنبون قتل الحيوانات المقدسة لديهم كما أنهم إذا مات أحد تلك الحيوانات فأنهم يحتفلون بدفنه وحزنوا عليه . وقد كانت قبيلة (بنو الحارث) إذا وجدوا غزالاً ميتاً غطوه وكفنوه ودفنوه وحزنوا عليه ستة أيام .
ويظهر أن العرب قبل الإسلام كانوا يقسمون الحيوانات إلى أقسام منها المفيدة والتي كانت ترافق العربي في حياته اليومية ، ومنها الحيوانات الضارة والتي كان يخشاها العرب ، والتي يعتقد بأنها ذات أرواح شريرة ، والحيوان المقدس لدى العرب لا يمكن أن يكون غذاء إلا في حالات دينية استثنائية نادرة ، وذلك عندما تنتعش حياة القبيلة وتجدد باشتراكها مع الإله أو القوى الخفية في قسمة هذا الحيوان حيث يكتفي الإله بروح الحيوان أو بدمه أما اللحم فيتناوله أبناء القبيلة .
وعلى الرغم من الروايات العديدة التي تذكر تقديس العرب للحيوانات ، إلا أن معلوماتنا لا تزال قليلة بخصوص ميزات تلك الحيوانات الدينية وشعائرها . وتجدر الإشارة هنا بأن العرب قبل الإسلام قد نسجوا الكثير من القصص والأساطير الخيالية ذات الطابع القدسي أو الطابع المقدس ، حول الكثير من الأشياء المادية والكائنات في الطبيعة ، إضافة إلى الأشجار والأحجار والحيوانات .
وإذا كانت بعض تلك المعبودات بالنسبة لبعض العرب في بداية تكوين الفكر الديني لديهم ، بمثابة آلهة ، فأن تطور الفكر الديني فيما بعد قد أدى إلى أن تكون تلك المعبودات صارت بمثابة وسائط بين الإنسان وبين القوى الخارجية أو المجهولة والتي تتحكم بالكون .
==============
=========
الهوامش
84- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر السابق،ص13.
85- ابن الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي: أخبار مكة ،المصدر السابق،ص124، 125 .
86- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر السابق،ص13.
87- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر نفسه،ص14.
88- شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي :معجم البلدان،المصدر السابق، ص204.
89- شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي :معجم البلدان،المصدر نفسه، ص205.
90-محمد بن جرير الطبري : تفسير الطبري ، الطبعة الثانية ، القاهرة ، 1956م، ص27-32.
91- جواد علي : أصنام العرب، المصدر السابق، ص19.
92- جواد علي : أصنام العرب، المصدر نفسه، ص19.
93- شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي :معجم البلدان،المصدر السابق،ص167.
94- جواد علي : أصنام العرب، المصدر السابق، ص 19.
95- محمد بن جرير الطبري : تفسير الطبري ، المصدر السابق، ص27-30.
96- شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي :معجم البلدان،المصدر السابق، ص204.
97- عبد العزيز سالم :تاريخ العرب قبل الإسلام،المصدر السابق، ص419.
98- محمود سليم الحوت : المثيولوجيا عند العرب ،الصدر السابق ،ص65.
99- محمود سليم الحوت : المثيولوجيا عند العرب ،الصدر نفسه ، ص56 ،66، جرجي زيدان :العرب قبل الإسلام، المصدر السابق ، ص 86.
100- عبد العزيز سالم :تاريخ العرب قبل الإسلام،المصدر السابق، ص419.
101- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر السابق، ص15.
102- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر السابق، ، ص16.
103- جواد علي : أصنام العرب، المصدر السابق،ص6.
104- جواد علي : أصنام العرب، المصدر نفسه،ص6.
105- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر السابق، ص16، محمد عبد المعين خان : الأساطير العربية قبل الإسلام ، القاهرة ، 1937م ، ص119.
106- ابن الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي: أخبار مكة ،المصدر السابق ،ص126.
107- جواد علي : أصنام العرب، المصدر السابق،ص 7.
108-في الكثير من مناطق العالم العربي والإسلامي في عصرنا الحاضر ،هناك عدد من القبور والأضرحة الدينية المقدسة ، التي يزورها المسلمون ويتبركون بها ولكنهم يجهلون أصلها ولا يعرفون بالضبط من دفن في هذه القبور والأضرحة ، ولكن كل ما يعرفونه هو أنها لأناس صالحين ، تواردت إخبارهم عبر مراحل الزمن عن طريق الروايات الشفهية.
109- جواد علي : تاريخ العرب قبل الإسلام ، ج5،المصدر السابق،ص94.
110- عبد العزيز سالم :تاريخ العرب قبل الإسلام،المصدر السابق، ص420.
111-أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر السابق،ص18.
112-للتفاصيل انظر : جرجس داود داود اديان العرب قبل الإسلام ، المصدر السابق ، ص300، 301.
113-شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي :معجم البلدان،المصدر السابق،ص310.
114- أبو محمد عبد الملك ابن هشام : السيرة النبوية ،المصدر السابق، ص63.
115- عبد العزيز سالم :تاريخ العرب قبل الإسلام،المصدر نفسه، ص419،
Ryszard Piwinski; Mitologa Arabowi Warszawa،1989،S،38.
117- جواد علي : أصنام العرب، المصدر السابق،ص 9.
118- محمود سليم الحوت : المثيولوجيا عند العرب ،الصدر السابق ، ص67-69،
Philhp،k . hitti
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]zieje arabow ،Ttum ،opcit،S،68.
119- أبو محمد عبد الملك ابن هشام : السيرة النبوية ،ص64، أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر السابق، ص17.
120- جواد علي : أصنام العرب، المصدر السابق،ص 6.
121- ديسور دينية Rene Dussaud العرب في سوريا قبل الإسلام ،ترجمة عبد الحميد الدواخلي، القاهرة 1959، ص112.
122- جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق ص11.
123- ابن الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي: أخبار مكة ،المصدر السابق ص126.
124- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر السابق،ص18.
125- جواد علي : تاريخ العرب قبل الإسلام ، ج5،المصدر السابق، ص97، ابن الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي: أخبار مكة ،المصدر السابق ص126، 127.
126- جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق ص15.
127- ابن الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي: أخبار مكة ،المصدر السابق ص126.
128 – محمد بن جرير الطبري : تفسير الطبري ، المصدر السابق،ص35.
129- جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق، ص11.
130- جواد علي: أصنام العرب،المصدر نفسه ،ص18.
131- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر السابق،ص23.
132- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر نفسه،ص27.
133- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر نفسه،ص18،19.
134- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي : كتاب الأصنام،المصدر نفسه،ص19.
135- ابن الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي: أخبار مكة ،المصدر السابق،ص127. جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق، ص14.
136- جواد علي: أصنام العرب،المصدر نفسه،ص12و 13.
137- ديسور دينية Rene Dussaud العرب في سوريا قبل الإسلام ،المصدر السابق، ص125.
138- عبد العزيز سالم :تاريخ العرب قبل الإسلام،المصدر السابق،ص422.
139- محمود سليم الحوت : المثيولوجيا عند العرب ،الصدر السابق ،ص75، 76. جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق، ص13.
140- جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق، ص13.
141- جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق، ص13.
142- جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق، ص13،
Philhp،k . hitti
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]zieje arabow ،Ttum ،opcit،S،86.
143- جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام،ج5، المصدر السابق، ص121، محمد عبد المعين خان : الأساطير العربية قبل الإسلام ،المصدر السابق، ص121.
144- جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق، ص13.
145- سورة النجم ،أية 20، القران الكريم .
146- للتفاصيل انظر: محمود سليم الحوت: المثيولوجيا عند العرب ،الصدر السابق، ص70-67 ،
38 -36opcit،S، ، Ryszard Piwinski; Mitologa Arabowi
194- شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي :معجم البلدان،المصدر السابق،ص268.
195- نبيه عاقل : تاريخ العرب القديم وصر الرسول، المصدر السابق،ص284.
196- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي: كتاب الأصنام،المصدر السابق، ص37.
197- محمود سليم الحوت : المثيولوجيا عند العرب ،الصدر السابق ،ص60.
198- جواد علي : أصنام الكتابات، المصدر السابق،ص28.
199- محمود سليم الحوت : المثيولوجيا عند العرب ،الصدر السابق ،ص60.
200- محمود سليم الحوت : المثيولوجيا عند العرب ،الصدر نفسه ،ص61.
201- جرجس داود داود اديان العرب قبل الإسلام ، المصدر السابق ، ص307،308.
202- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي: كتاب الأصنام،المصدر السابق، ص35.
203- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي: كتاب الأصنام،المصدر نفسه، ص34.
204- ابن الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي: أخبار مكة ،المصدر السابق،ص124.
205- جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق، ص34.
206- محمود سليم الحوت : المثيولوجيا عند العرب ،الصدر السابق ،ص61.
207- جواد علي: أصنام العرب،المصدر السابق، ص34.
208- أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي: كتاب الأصنام،المصدر السابق، ص36.
209-للتفاصيل انظر الملحق في كتاب: ابن الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي: أخبار مكة ،المصدر السابق،ص378 ، وما بعدها.