بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى البخاري في صحيحه
عن عمر بن ميمون رضي الله عنه
أنه حدث عن مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
فجاء في حديثه قوله: فدخلنا عليه، وجاء الناس يثنون عليه،
وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقَدَمٍ في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة.
قال: وددت أن ذلك كفاف لا عليّ، ولا ليّ.
فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض.
قال عمر: ردُّوا عليّ الغلام، فردوه فقال يا ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك.
ثم قال: يا عبد الله بن عمر انظر ما عليّ من الدين.
فحسبوه، فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوه.
قال: إن وفاه مال آل عمر فأده من أموالهم،
وإلا فسل في بني عدي بن كعب، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش،
ولا تَعْدُهم إلى غيرهم، فأد عني هذا المال.
ثم قال: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين،
فقل يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا،
وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه.
فمضى، فسلم واستأذن،
ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن
يدفن مع صاحبيه.
فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرنَّه به اليوم على نفسي.
فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء.
قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟
قال: الذي تحبُّ يا أمير المؤمنين ... أذنتْ.
قال عمر: الحمد لله، ما كان من شيء أهم إلي من ذلك، فإذا أنا قَضيتُ فاحملوني،
ثم سلِّم فقل يستأذن عمر بن الخطاب،
فإن أذنتْ لي فأدخلوني، وإن ردَّتني رُدُّوني إلى مقابر المسلمين.
وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها، فلما رأيناها قُمْنَ، فَوَلَجت عليه فبكت عنده ساعة،
واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم،
فسمعنا بكاءها من الداخل فقالوا أَوْصِ يا أمير المؤمنين استخلفْ.
قال ما أَجِدُ أحقَّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين
توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض،
فسمى عليا وعثمان وطلحة وسعدا وعبد الرحمن بن عوف.
وقال: يَشهدُكُم عبد الله بن عمر،
وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له. فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك،
وإلا فليستعن به أَيُّكُم ما أمِرَ، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة.
وقال: أُوصِي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم.
وأوصيه بالأنصار خيرا، الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم
وأن يُعفي عن مسيئهم.
وأوصيه بالأعراب خيرا، فإنهم أصل العرب، ومادة الإسلام أن يؤخذ من حواشي أموالهم،
وتُرَدَّ على فقرائهم.
وأوصيه بذمة الله وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُوَفَّى لهم بعَهدِهِم،
وأن يُقاتَلَ من ورائهم، ولا يُكَلَّفوا إلا طاقتهم.
من (صحيح البخاري ج 4 ص 205)
وروى ابن سعد عن يحيى بن أبي راشد النصري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما
حضرته الوفاة قال لابنه:
يا بني إذا حضرتني الوفاة فأحْرفْني (يعني أملني)
واجعل ركبتيك في صلبي، وضع يدك اليمنى على جبيني، ويدك اليسرى على ذقني،
فإذا قُبضت فأغمضني، واقصدوا في كفني، لإنه إن يكن لي عند الله خيرٌ أبدلني خيرا منه،
وإن كنت على غير ذلك سلبني فأسرع سلبي،
واقصدوا في حُفرتي، فإنه إن يكن لي عند الله خير وسع لي فيها مَدَّ بصري،
وإن كنت على غير ذلك ضيقها عليَّ حتى تختلف أضلاعي،
ولا تخرجن معي امرأة، ولا تُزَكوني بما ليس فيَّ، فإن الله هو أعلم بي.
وإذا خرجتم بي فأسرعوا في المشي، فإنه إن يكن لي عند الله خير قدمتموني إلى ما هو خير لي،
وإن كنت على غير ذلك كنتم قد ألقيتم عن رقابكم شرا تحملونه.
من (حياة الصحابة ج 3 ص 455)
رآق لي
ا